نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
المستخلص
نقاط رئيسية
الخلاصة :
نعتقد أنه من البدیهى أن یضع النشاط الاقتصادى الفردى هدف تحقیق الربح على رأس أولویاته ، وربما کان ذلک هو السبب فی حرص الدول حدیثة العهد بالخصخصة على تحدید نشاطه فى القطاعات غیر الاستراتیجیة ، أما القطاعات الاستراتیجیة کالمیاه فقد ظلت حکرا على القطاع الحکومى . رغم ذلک یلاحظ أن اضطلاع الحکومات بمهمة توفیر المیاه وتوزیعها قد أثبت عدم فعالیته حتى الآن ، بسبب ضعف الإمکانیات أو ربما التعقیدات الإداریة . ورغم أن مناقشة فکرة التسعیر فى بلدان المنطقة العربیة لم یتم التوصل إلى قرار بشأنها ، بسبب میل دول المنطقة إلى تقدیم دعم کبیر لتوفیر المیاه لکافة الأغراض ، إلا أن الواقع الفعلى یشیر إلى إمکانیة قبول الجماهیر لمشارکة القطاع الخاص فی إدارة هذا المورد شدید الحساسیة إذا ما ترتب على ذلک الحصول على میاه ذات نوعیة أکثر کفاءة . إن المواطنین فی البلدان العربیة یدفعون بالفعل مقابلا لخدمات معالجة المیاه وتوصیلها إلى المنازل ، وبالتالى فمن الممکن زیادة الفاتورة المائیة إذا ما صاحب ذلک رفع کفاءة المیاه ، وزیادة جودتها ، خاصة فی ظل انتشار الکثیر من الأمراض الناتجة عن سوء نوعیة المیاه ، ولجوء المواطنین إلى تقنیات التنقیة المتاحة والتى قد تستنفد کثیر من المال فی حین لا تحقق لهم نوعیة المیاه التى یرجونها .
إن المشکلة الحقیقة تتمثل فیما إذا جاءت تلک الزیادة من خلال شرکات القطاع الخاص ، فهنا یمکن أن یتصدى الجمهور لها وبشدة ، والسبب الوحید أن مشارکة القطاع الخاص فی تلک البلدان لا تحوز ثقة الجمهور بالشکل الکافى ، والضمان الوحید الذى یمکن تقدیمه للجمهور فی تلک الحالة هو وجود نظام رقابى محکم من جانب الحکومة على نشاط القطاع الخاص ، وأیضا زیادة برامج التوعیة لخلق الثقة لدى الجمهور فی القطاع الخاص بإمکانیاته وخبراته . وقد یکون من الملائم حینئذ تحدید مجال مشارکة القطاع الخاص فی عملیتى النقل والتوزیع فقط ، مع إعلام الجمهور بذلک ، وبأن عملیة توفیر إمدادات المیاه سوف تبقى تحت سیطرة الحکومة . کما ینبغى أن تختار الحکومة الشکل الذى سوف یتم إشراک القطاع الخاص من خلاله ـ سواء کان عقد إدارة أم إیجار أم امتیاز أم نظام BOT (Build, Operate& Transfer ) ـ بمنتهى الحرص والعنایة وبما یتوافق مع احتیاج الدولة وقدرتها على الرقابة والإشراف .
غیر أنه ـ وکما سبق أن أشرنا ـ فإن الحکومات قد لا یمکنها إحکام الإشراف والرقابة على نشاط القطاع الخاص ، فی تلک الحالة لابد وأن یکون هناک مقتربا آخر لتحسین نوعیة المیاه دون إشراک القطاع الخاص فی العملیة . ونعتقد أن النموذج الإیرانى الذى قدمه لنا هذا البحث یمکنه أن یحقق ذلک . ففى ضوء ظروف دول المنطقة، قد یکون من الملائم ضمان حد أدنى من الإمدادات / شهر للوفاء باحتیاجات الفقراء ، ثم یتم تحدید رسم للکمیات المستهلکة التى تزید عن ذلک . إن هذا الأسلوب یمکنه أن یسهم بشکل جید فی ترشید الاستهلاک ، کما یسهم فی الوقت نفسه فی زیادة الرسوم التى تحصلها الدولة ، وبحیث تبقى إدارة ذلک القطاع الحیوى فی حوزة الحکومة ، وبعیدا عن المخاطرة باسنادها إلى القطاع الخاص الذى یمکن للحکومة فی تلک الفرضیة أن تستعین بخبراته وإمکانیاته فی مجالات محددة کتقنیات المعالجة ، وصیانة الشبکات ، وتشیید السدود .