موقف الإسلام من أسواق المياه وقضايا التسعير

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

المستخلص

من خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية ، المنعقد في ريو دى جانيرو عام 1992 ، والمؤتمر الدولى حول المياه والبيئة المنعقد في دبلن في نفس العام، تولد إجماع على أن الدول النامية تواجه تهديدين في قطاع إمدادات المياه والصرف الصحي. يتمثل التهديد الأول في إستکمال الآجندة القديمة الخاصة بتوفير الخدمات للمنازل ، فعلى الرغم من أن تقدما ملموسا قد حدث في هذا الصدد إلا أن کثيرا من الأمور ما تزال متبقية وبحاجة للتنفيذ . ويمکن القول أنه خلال عام 1980 انخفض عدد السکان الذين لا تتوافر لهم المياه الآمنة من 1.8 إلى 1.2 مليار نسمة ، في حين ظل عدد السکان المفتقدين للصرف الصحي المناسب ثابتا عند 1.7 مليار نسمة . وعلى الرغم من هذا النجاح النسبى ، إلا أن العجز في إمدادات المياه المناسبة والصرف الصحي کانت له نتائج ومؤثرات کبيرة على التنمية البشرية .
أما التهديد الثاني فيتمثل في الأجندة الجديدة الخاصة بالتنمية المستدامة ، ويشمل هذا التهديد الحاجة إلى إمدادات مياه طويلة الأجل ، وأکثر کفاءة وعدالة .
ولتحديد مشکلة المياه في الشرق الأوسط کما تم وصفها في مقدمة هذا الکتاب ، يمکن القول أن استخدام أدوات إدارة الطلب على المياه کالتسعير ، التنظيمات ، التکنولوجيا ، والتعليم ، هو أمر من الأهمية بمکان بل قد يکون أمرا إلزاميا . ورغم ما تمتلکه تلک الأدوات من قدرة على مساعدة العديد من مؤسسات المياه لکى تتجاوز الأزمة الحالية وفى نفس الوقت تتمکن من تحسين الخدمات ، إلا أن إدراک وفهم تلک الفوائد لم يتحقق بعد ، يرجع ذلک إلى قصر تاريخ عملية إدارة الطلب في الدول النامية .
يعتبر تسعير المياه من خلال الرسوم التى يدفعها المستخدم ، واحدا من أکثر أدوات إدارة الطلب على المياه إثارة للجدل . فهى تتطلب استخدام وسائل السوق لتعزيز الاستدامة ، ورفع الدخول ،  وتوفير اسعار عادلة ، خاصة بالنسبة للفقراء . وتجدر الإشارة إلى أن تنفيذ تسعير المياه کآلية من آليات إدارة الطلب على المياه لا يتطلب فقط فهما کاملا للقضايا الحضرية ، ولکن ايضا إيجاد المؤسسات التى تضمن أن هؤلاء المطالبون بالتکيف مع التغييرات قادرون وعندعم النية على التنفيذ .
إن للإسلام دورا کبيرا ومؤثرا في جميع جوانب الحياة في منطقة الشرق الأوسط، بدءا من التشريعات الرئيسية وحتى السلوکيات الاجتماعية البسيطة . ولابد من أخذ الواقع الإسلامي للمنطقة في الاعتبار عند وضع أي حل لمشکلات إدارة المياه . وسوف يحدد هذا الفصل حقوق المياه ، وتسعير المياه في الإسلام ، مع رسم تصور للمنظور الإسلامي لإدارة المياه في الشرق الأوسط .

نقاط رئيسية

الخلاصــــة :

رغم حقیقة أن المیاه تعتبر سلعة ذات قیمة دینیة فی الثقافة الإسلامیة ، وأن مواردها الطبیعیة تعتبر مملوکة ملکیة مشترکة فی الشریعة الإسلامیة ، فقد لعب السوق دورا هاما فی إدارة إمدادات المیاه والطلب علیها منذ بزوغ شمس الدولة الإسلامیة فی شبه الجزیرة العربیة . ونظام حقوق الملکیة فی الإسلام یسمح لمن یبذل الجهد والمال أن یسحب المیاه من المصدر المملوک ملکیة مشترکة ، حتى یمکن تأمین حقوق الملکیة الخاصة ، بشرط الحفاظ على حقوق المستخدمین الآخرین .

وهذا النهج یوفر الفرصة لتبادل المیاه مع باقى السلع ، بمعنى تکوین سوق المیاه ، والتى لوحظ وجود أشکالها التنظیمیة المتنوعة فی البلدان الإسلامیة . وإن کانت بدایات الدولة الإسلامیة قد شهدت قیام بیت المال بتمویل تشیید السدود ، وتطویر خزانات المیاه . لذلک یمکن القول أن هاتین المؤسستین ـ الخاصة والعامة ـ قد بادرتا وباشرتا أنشطة إمداد المیاه ، نقل المیاه ، وتوزیعها .

إن المیل نحو الاحتکار یتحقق إذا ما عهد إلى السوق بمهمة توفیر خدمات المیاه ، وایضا توزیعها . ویمکن القول أن التشریع الإسلامى لا یبرر خصخصة قطاع المیاه بأکمله ، ویتفق معه فی ذلک المنطق الاقتصادى . والأحرى من ذلک ، وما نوصى به هنا هو التنسیق بین القطاعین العام والخاص فی مجال التعامل مع الأنشطة ذات الصلة بالمیاه . وقد یکون من الملائم أن یتحمل القطاع العام مهمة الاستثمارات الخاصة بتوفیر المیاه والحفاظ علیها ، أما مهمة نقل المیاه وتوزیعها فیجب أن تناط بالقطاع الخاص .

ویمکننا أن نقرر أنه إذا ما طبقت القواعد والقیم الإسلامیة فی السوق ، فلا شک بل من المتوقع أن الأسعار التى سیتم تحدیدها سوف تکون على درجة عالیة من الکفاءة . ذلک السعر سوف یقوم بمهمة المعدل الإحصائى للمیاه التى یتم توفیرها وبیعها عن طریق القطاع العام ، وذلک السعر لابد وأن یغطى متوسط التکلفة الکلیة للعملیة . ویجدر التنویه إلى أنه لا یجب استخدام التمییز والمحاباة فی تسعیر المیاه فی الممارسة . إن هذا الفرض یتوافق مع النظام القانونى فی الإسلام ، وإدارة إمدادات المیاه والطلب فی إیران .